مقولة لأحد التنفيذيين في شركة فورد للسيارات
إذا اخذنا المزيج التسويقي ونظرنا إليه بتفصيل أكبر، وقتها يمكن لنا أن نقسم التسويق إلى عدة مراحل أو خطوات، نتناولها هنا بشكل سريع، ثم نعود ونتناولها كل على حدة، وهي كالآتي:
1. مرحلة أبحاث السوق: Market Research
أول خطوة تخطوها نحو التسويق لمشروعك، هي تحديد حاجات ورغبات وتفضيلات وسلوك وردود أفعال المستهلكين المتوقعين، وأفضل الطرق للوصول إليهم، عبر استقصاءات مباشرة مع عينة متناسقة من الجمهور، وهذه الأبحاث تشمل كذلك جمع معلومات عن المنافسين، وعن التغيرات (الحالية والمتوقعة) في سلوك المستهلكين.
2. مرحلة تطوير المنتج: Product
بعد تحديد رغبات المستهلكين، نبحث كيفية تلبيتها في صورة منتج جديد أو خدمة جديدة، وإذا كان المنتج أو الخدمة موجودى بالفعل، فنعمل على تطويرها، ثم نبدأ في تجربة كل شيء ووضعه محل الإختبار والفحص، من نتائج أبحاث السوق، إلى المنتج أو الخدمة ذاتها، مثل طريقة التعبئة والتغليف، تسمية المنتج، سياسات التسعير، التوزيع، المبيعات، استراتيجية التعامل مع الوسائل الإعلامية وهكذا.
3. مرحلة التسعير: Pricing
تحديد التكلفة الكلية، ومن ثم تسعير المنتج أو الخدمة بشكل تنافسي يضمن لك تحقيق الربح المناسب.
4. مرحلة قنوات التوزيع: Distribution Channels
كيفية توصيل المنتج أو الخدمة إلى المستخدمين المناسبين، في الوقت المناسب وبالشكل المناسب وبالسعر المناسب، وأمامك طريقان: إما أن تبيع بنفسك، أو من خلال وسطاء.
5. مرحلة العلاقات التسويقية: Marketing Communication
هي مهارة التواصل مع الناس (داخل وخارج نطاق الشركة)؛ للتأثير عليهم أو للتأثر بهم، مع الحفاظ على علاقات طيبة معهم، والتأثير في اتجاهاتهم وأفكارهم، والحرص على كسب تأييدهم، وخلق رأي أو إنطباع جيد لديهم عن الشركة، ومن خلال هذا النشاط الإعلامي، تتمكن من جعل المستخدمين يشترون منتجك أو خدمتك.
وفيما يلي، سنتناول المرحلة الأولى والثانية مع تفصيل أكبر:
1. مرحلة أبحاث السوق: Market research
لنتفق في البداية على أن عنوان "أبحاث السوق"، إنما يعني تحسس السوق ومعرفة أخباره، والتحسس ليس مقصورًا فقط على أن تحمل قائمة طويلة من الأسئلة المملة تطارد بها الناس في الطرقات كي يجيبوا عليها، فالبحث عبر موقع جوجل يكفي أحيانًا لأن يغطي هذه الخطوة ويمدك بما تحتاجه من معلومات، وتعود أهمية تحسس السوق للحقيقة العلمية التي تقول أن "القرارات السليمة هي تلك التي اعتمدت على معلومات سليمة".
وأبحاث السوق هي أهم خطوة تسويقية على الإطلاق، فإذا أنت جمعت معلومات غير دقيقة عن السوق، فكل ما سيعتمد على هذه المعلومات الخاطئة سيكون مصيره الفشل.
من جهة أخرى، لا تخلو قرارات التسويق من المخاطرة، فأنت قد تجمع معلومات تسويقية سليمة، لكنها محددة بفترة صلاحية زمنية قصيرة، تصبح بعدها غير ذات جدوى، فحتمًا نسبة مشاهدة السعوديين لمباريات كأس العالم ستكون عالية جدًا، طالما أن المنتخب السعودي يشارك في هذه المباريات، وفي حالة خروج المنتخب من التصفيات، فنسب المشاهدة حتمًا لن تستمر على معدلاتها العالية.
والهدف من القيام بأبحاث السوق، هو معرفة "الوضع الحالي للسوق وللمتسوقين"، لكنها أبدًا لا تكفي وحدها لاتخاذ القرارات التسويقية، فمدير التسويق عليه استخدام حسه الخاص وذكائه لفهم التسويق، من خلال نتائج أبحاث السوق، مع الإستفادة من التجارب السابقة، وخبرات جميع العاملين في الشركة.
وتعتمد أبحاث السوق على قراءة ما طلبه أو يطلبه أو سيطلبه الناس، وبالتالي ستعتمد على الفهم الصحيح لعلم النفس، لكن يكفي القول بأن محاولة فهم الدوافع الإنسانية من الصعوبة بمكان؛ لأنها دائمة التغير في نمط يصعب التنبؤ به، يؤدي ذلك لأن تتناسب تكاليف إجراء أبحاث السوق طرديًا مع مستوى دقتها.
لذا على المسوق دائمًا قياس المنفعة المنتظرة من هذه الأبحاث، ومقارنتها مع تكلفة الحصول عليها، والفترة الزمنية المطلوبة للحصول عليها، ثم اختيار مستوى الدقة المناسب.
ولكن، ما هي الأسباب القوية والداعية للقيام بأبحاث السوق؟
1) فهم السوق ووصف ما يجري فيه (البحث التوصيفي)
أبحاث السوق تصف وتصور وتشف لك ما يحدث الآن في السوق، فهي مثلًا توضح لك الفئة العمرية التي تستخدم منتجاتك، وعدد منافسيك، ونصيب منتجك من مبيعات السوق الإجمالية، فهذه الطريقة في البحث هي الشائعة، لكنها تتطلب التمسك بقواعد محددة؛ من أجل الحصول على نتائج بحث دقيقة.
2) تجربة أشياء جديدة تمامًا (البحث الإختباري)
عندما يتعامل المسوق مع عناصر جديدة تمامًا عليه، فهو يلجأ لهذا النوع من البحث الإختباري، فحتى اليوم لن تجد إجابة علمية مرضية عن مدى قابلية استخدام الإنترنت في التسويق للمنتجات في مجتمعاتنا العربية، هنا المسوق لا يعرف إجابة لهذا السؤال.
لذا سيلجأ لطرق بحث استكشافية، تستطلع هذا العنصر الجديد، وتحاول الإجابة عن تساؤلات لا توجد لها إجابات قاطعة، تتميز هذه الطريقة من البحث عن سابقتها بأنها مرنة للغاية، ولا تتقيد بطرق بحث نمطية، على أن كونها تتعامل مع مجاهيل كثيرة، يجعل نتائجها غير مضمونة العواقب، لكنها تفيد في انتهاج طرق بحث أخرى ذات نتائج أكثر دقة.
3) معرفة كيف سيؤثر متغير ما على متغير آخر (البحث التجريبي)
للإجابة على سؤال مثل: ما الذي يمكن أن يحدث لمبيعات منتج ما عند تغير شكله الخارجي؟
هنا سيتبع الباحث طريقة بحث صارمة، تقوم بتحييد جميع المتغيرات الأخرى؛ ليعرف بدقة كيف سيؤثر متغير ما على متغير آخر، والتمسك بقواعد إجراء الأبحاث التجريبية سيؤدي للحصول على نتائج دقيقة، ومضمونة للقرارات التسويقية المبنية عليها.
لأبحاث السوق أنواع كثيرة، تختلف باختلاف السوق والناس والسلعة والظروف والميزانية وغير ذلك، وعلى الباحث أن يختار منها ما يناسب ظروفه وسلعته وشركته.
فعندما شكا مستهلكو مشروب كوكاكولا من قلة السكر فيه، طرحت لهم كوكاكولا مشروبًا ذا طعم أكثر حلاوة، وبعد أن أقبل الجمهور على المنتج الجديد في البداية، عادوا بعد فترة للمشروب القديم، فهم اكتشفوا أنهم هم أنفسهم لا يريدون مشروبًا أكثر حلاوة، في أحيان كثيرة لا يعرف الناس ما الذي يريدونه فعلًا، وعلى المسوق معرفة ما الذي يريده المستهلكون، ثم مساعدتهم على أن يعرفوا ذلك، بما يخدم مصلحة المسوق.
أبحاث السوق ليست قاصرة على فئة دون أخرى، فعندما تسأل أصدقائك عن أفضل محل لبيع الهواتف النقالة، فهذه الأسئلة تندرج تحت مسمى أبحاث السوق، وتعتمد دقة نتائجها على خبرات هؤلاء الأصدقاء وكيفية تكوينهم لآرائهم.
أبحاث السوق سبيلك للحصول على عائد أكبر من جهدك ومواردك، ولذا يجب عليك أن تتقنها.
2. مرحلة تطوير المنتج: Product
بعد تحديد رغبات الناس، نبحث كيفية تلبيتها في صورة منتج أو خدمة، وإذا كان المنتج موجودًا بالفعل، نعمل على تطويره، هذا الأمر يتطلب منا التطرق إلى دورة حياة المنتج (PLC) بشكل سريع:
حيث يمر المنتج بمرحلة ميلاد، يجرى فيها تقديمه لأول مرة إلى الأسواق والمستهلكين، ثم إذا لمسنا بوادر قبول للمنتج من المستهلكين، تأتي بعدها مرحلة النمو، حيث تبدأ المبيعات تكبر بمعدل سريع، ثم بعدها تأتي مرحلة النضوج حيث تبدأ الأرباح في الإستقرار، والتحقق بمعدل ثابت، ويبدأ السوق يصل إلى مرحلة التشبع، لتأتي بعدها مرحلة الإنحسار، حيث تبدأ الأسواق تزهد في المنتج وتتناقص الأرباح، حتى يتوقف إنتاج المنتج.
إذا نظرنا ـ عزيزي القاريء ـ إلى مراحل نمو المنتج، نجد أن من مصلحة أي شركة تقليل زمن المرحلة الأولى والأخيرة، وإطالة زمن الثانية والثالثة؛ لتعظيم الأرباح، خاصة وأن المنافسة في السوق تعجل بإنتهاء المرحلة الثانية والثالثة.
على سبيل المثال: نجد الآن الهواتف النقالة، التي تدعم تقنيات الجيل الثالث من الإتصالات في مرحلة ميلادها كمنتج جديد، بينما الحواسيب المحمولة لازالت في مرحلة النمو، وأما الحواسيب المكتبية في مرحلة النضوج، بينما الآلات الكاتبة الكهربية في مرحلة الإنحسار.
متى يبدأ التسويق للمنتج أو الخدمة؟
ولكي نعرف هذا بواسطة أبحاث التسويق، هل يتمتع المنتج بفرصة للنجاح أم لا، وبعد الوصول إلى قرار طرح المنتج أو الخدمة في الأسواق، تبدأ عملية التسويق، والتي تمتد وتستمر عبر مراحل حياة المنتج الأربعة، وتتدخل في عملية تصميم المنتج وتعليبه وتغليفه وتسميته والدعاية له، مع الأخذ في الإعتبار تقليل التكلفة بكل الطرق والترويج للإسم وللعلامة التجارية، والحفاظ على مكانة المنتج في عقول المستخدمين والمشترين.
ويحتاج المنتج الجديد كي ينجح، إلى أن يُطرح بصورة ملائمة في السوق (صحيحة)، وفي الوقت الصحيح، وبخطة تسويق صحيحة، ويكمن المفتاح في إيجاد ميزة تنافسية استراتيجية يمكن أن تدوم مع الزمن.
وختامًا:
يقول بريان تراسي: (كل شخص يعمل لإرضاء العميل، فمن هم عملاؤك وكيف ترضيهم؟)، وسوف نكمل في المرة القادمة ـ إن شاء الله ـ باقي شرح مراحل التسويق.
أهم المراجع:
1. التسويق للجميع، رؤوف شبايك.
2. كلية كيلوغ للدراسات الإدارية العليا تبحث في التسويق، هيئة أساتذة التسويق في كلية كيلوغ.
3. كوتلر يتحدث عن التسويق، فيليب كوتلر.
4. القيادة الفعالة، بريان تراسي.
Comentários