top of page

نشأة وتطور دراسة جودة الحياة الوظيفية


نشأة وتطور دراسة جودة الحياة الوظيفية:

تعود جذور دراسة جودة الحياة الوظيفية إلى الفلسفة الإنسانية في الإدارة والتي انطلقت مع تيار مدرسة العلاقات الإنسانية والتي تبين أن هناك خمس محاور تعالجها جودة الحياة في العمل وهي: فلسفة الإدارة، الوسائل والطرق المستعملة لتغير الوسط المهني، المظاهر البيئية التي يراد تغيرها، الوضعية الجديدة المراد إنشاءها، الأهداف المنتظرة من خلال تطبيق الفلسفة الإنسانية بمعناها الحقيقي عن طريق إدراج نماذج المشاركة التي تهدف إلى تعديل أحد أو مجموعة من الأبعاد المتعلقة بالوسط المهني لغاية خلق بيئة جديدة أكثر إرضاء لدى الموظفين في المؤسسة.

أما الحركة الثانية فقد ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية على أساس النظريات الاجتماعية التي تدعو إلى إنسانية المحيط المهني, مما ولد الدعوة إلى تبني أسلوب التعاون في إدارة بيئة العمل وإنشاء لجان مختلطة على جميع الأصعدة والمستويات لتشخيص وإيجاد حلول للمشاكل, مثل إنشاء برامج المشاركة في إطار عقود التفاوض بين شركة جنرال موتورز واتحاد عمال السيارات, حيث ظهر مفهوم جودة الحياة في العمل« Quality of work life » والذي يفضي إلى إرضاء طموح الموظفين وتطويرهم ضمن محيط عملهم وذلك انطلاقا من المعلومات والمعارف الأزمة لاتخاذ القرارات.

ومع بداية سنة 1970 والتي تعتبر الفترة الخصبة في البحث ومحاولة إعطاء تعريف واضح لجودة الحياة الوظيفية حيث بلغت الذروة بدون شك في الاجتماع الدولي حول جودة الحياة الوظيفية المنعقدة سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية والذي خرج بتوصيات حول تنسيق وتوحيد جهود الباحثين والمنظمات المعنية, وذلك للبناء إطار نظري قوي حول مجال البحث في جودة الحياة الوظيفية بتأسيس المجلس الدولي لجودة الحياة الوظيفية مهمته الإشراف وتشجيع البحث وتبادل المعارف في مجال الصحة العقلية في العمل, والذي له علاقة وثيقة بجودة الحياة الوظيفية. ونال هذا المفهوم اهتماما كبيراً في أوساط المؤسسات لتحسين وإصلاح العمل وطرح برامج تستند إلى أهمية المورد البشري في المؤسسة.

ففي هذه الحقبة الزمنية بدأت الإدارات في العديد من الشركات الكبيرة مشاريع شاملة ومتكاملة لتحسين إنتاجية قوة العمل، والتأثيرات التنظيمية وجودة الحياة الوظيفية، بالرغم من أنه كان لدى القيادات الإدارية المختلفة في الإدارات والعمل والحكومة والجامعات العديد من الهواجس والقلق حول بعض الأمور الواجب تحقيقها مثل الأجور المحترمة - ساعات العمل - ظروف العمل - ومشاكل التعب والسأم والرقابة. وقام أصحاب العديد من المشاريع بدراسة مسألة جودة الحياة الوظيفية وكيفية تحسينها، وعموماً فإن دراسات تحسين الإنتاجية تتفق مع جودة الحياة الوظيفية في المنظمات, وبدء يظهر اهتمام واضح من قبل الشركات والمنظمات المعنية بدراسة الإنتاجية وجودة الحياة الوظيفية في المنظمات العامة والخاصة.

مع بداية هذه المبادرات لم يكن هناك أي تعريف واضح ومتعارف عليه حول جودة الحياة الوظيفة وقد كان يستند هذا المفهوم على المزايا والأهداف التي تسعى إليها الجماعات داخل منظمات العمل, حيث يولي اهتمام البعض منهم بسلامة وضمان منصب حول العمل أما البعض الأخر فيعطي الأولوية للحوافز العمال والاهتمام بالإنتاجية, وأن مشكلة تعريف هذا المفهوم هو علاقته بجميع الموضوعات المتعلقة به, حيث يقترح التوافق ويرى ضرورة الأخذ في الحسبان الرضا في العمل كعنصر أساسي لجودة الحياة الوظيفية ويركز على هذين الاتجاهين المختلفين.

ومن خلال الدراسة لهذا المفهوم في سنوات الثمانينيات نستنتج أن مفهوم جودة الحياة الوظيفية قد اعتبر حركة أو طريقة و يتعذر تعريفه أو الوصول إلى تعريف متوافق مع جميع الباحثين, ويركز آخرين على أن المشكلة في تحديد هذا المفهوم هو عدم خضوعه إلى قاعدة, وتبني العلاقة الطردية بين الإنتاجية وجودة الحياة الوظيفة, حيث يركز الباحثين على عقلانية الاعتقاد بأن جودة الحياة الوظيفية لديها علاقة بنمو الشعور بالانتماء، العمل في ظروف الجيدة، الانخفاض في نسبة التغيب وليس بمستوى الإنتاجية فقط, وأن كل هذه التيارات التي ظهرت في السبعينيات مهدت الأرضية للسنوات العشر اللاحقة والتي عرفت توافقا في بعض التوجهات.

ومنذ منتصف الثمانينيات وحتى منتصف التسعينيات تقريبا زاد الاهتمام مرة أخرى ببرامج جودة الحياة الوظيفية في الشركات والمؤسسات الأمريكية للعديد من الأسباب بعضها داخلي يتعلق بحالة الموظفين والقوانين الفيدرالية في أمريكا، وبعضها خارجي يمثل استجابة للنجاح الذي حققته بعض الأنظمة الإدارية في اليابان وبعض الدول الأوربية. ومع بداية التسعينيات قامت شركات عالمية كثيرة منتشرة في دول العالم بتطبيق شكل أو آخر من أشكال برامج جودة الحياة الوظيفية، وتزايد الاهتمام بها نتيجة التركيز على إشباع حاجات العميل الداخلي والخارجي، وتطبيق أسلوب إعادة هندسة الموارد البشرية وإكسابها مهارات متنوعة والنظر إليها كأحد الاستراتيجيات التنافسية.

وأن الشهرة التي عرفتها جودة الحياة الوظيفية فكانت في الخمس وثلاثون من القرن الماضي وقد عرف هذا المفهوم تمحور الباحثين على تصور مفهوم جودة حياة الوظيفية هو تصور ذات, وأنه يجب إدخال العوامل التنظيمية والفردية على هذا المفهوم, وأن للعمل تأثير على مختلف المجالات الحياتية ويتمثل جانب مدمج في الحياة العامة.

وتضاعف الاهتمام بموضوع جودة الحياة الوظيفية أثناء السنوات الأخيرة, ومن بين الذين زاد اهتمامهم بجودة الحياة الوظيفية، وطبيعتها: الاختصاصيون النفسيون في مجال العمل، والمشتغلون في عالم الإدارة، والأشخاص الذين يتمتعون بصلاحيات أو سلطات اتخاذ القرارات في المؤسسات، والعاملون في قطاعات الدولة المتخصصة بموضوع العمل والعمال.

٢٦٤ مشاهدة٠ تعليق

Comments


bottom of page